اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 464
على الكفران والنسيان ووسعنا له طرق معاشه أَعْرَضَ عنا وانصرف عن شكر نعمنا وعن الالتجاء والارتجاء بنا عنادا واستكبارا وَصار من افراط عتوه الى حيث نَأى وتباعد بِجانِبِهِ عنا اى طوى كشحه ولوى عنقه وعطفه منا كأنه مستغن في ذاته مستقل في امره بحيث لا يخطر بباله احتياجه إلينا ولهذا تجبر واستعلى وبالغ في الجدال والمراء الى ان قال انا ربكم الأعلى وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ وأزعجه البلاء وهجم عليه الشدة والعناء وترادفت عليه الوقائع والمصيبات قد كانَ من قلة تصبره وضعف يقينه وتدبره يَؤُساً عن روح الله شديد القنوط عن سعة لطفه ورحمته والطرفان اى افراط الاستغناء والاستكبار وتفريط اليأس والقنوط كلاهما مذمومان محظوران عقلا وشرعا
قُلْ يا أكمل الرسل كلاما ناشئا عن محض الحكمة منبئا عن الاستقامة والعدالة مبنيا عليهما كُلٌّ من المحق والمبطل والهادي والضال يَعْمَلُ ويقتدى عَلى شاكِلَتِهِ وطريقته التي تشاكل وتشابه حاله ووقته إياها إذ كل ميسر موفق من لدنا لما خلق له سواء كان من رشد أو غي او ضلالة او هداية ولا علم لكم يا بنى آدم على حقيقة الأمر والحال فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بعلمه الحضوري بِمَنْ هُوَ أَهْدى منكم وأقوم سَبِيلًا وأوضح منهجا واسد طريقا فيوفقه على جهته ووجهته ومن هو على خلافه فعلى خلافه. ثم قال سبحانه تأييدا لحبيبه صلّى الله عليه وسلم وتعليما
وَيَسْئَلُونَكَ يا أكمل الرسل فرق النصارى واليهود وجميع اهل الزيغ والضلال عَنِ الرُّوحِ المتعلق بالأجساد المحيي لها ومحركها بالإرادة والاختيار وإذا انفصل وافترق عنها ماتت ولم تتحرك وانقطع الشعور والإدراك عنها اى يسئلونك عن كميته وكيفية تعلقه وارتباطه بالأجسام وكيفية انفصاله عنها قُلِ الرُّوحُ نفسه وحقيقته وكيفية تعلقه بالأجسام وكيفية انفصاله عنها كلها صادرة ناشئة مِنْ أَمْرِ رَبِّي اى من جملة ما حصل بامره الدال على تكوين المكونات وإيجاد الموجودات وهو قول كن الدال على سرعة نفوذ قضائه سبحانه واما كمية المقضى وكيفية حصوله وانفصاله فأمر قد استأثر الله به في غيبه ولم يطلع أحدا عليه لذلك قال وَما أُوتِيتُمْ يا ابن آدم مِنَ الْعِلْمِ المتعلق بالروح إِلَّا قَلِيلًا الا وهو انيته وتحققه دون كميته وحقيقته لان اطلاع الإنسان انما هو بقدر قابليته واستعداده وليس في وسعه وطاقته ان يعلم حقيقة الخردلة وكيفية حصوله وتكونه فكيف حقيقة الروح وكيفية تعلقه بالبدن غاية ما في الباب ان المكاشفين من ارباب الأذواق ينكشفون بكيفية سريان الهوية الذاتية الإلهية التي هي منبع الروح على صفائح المكونات سريان الروح في البدن وسريان نور الشمس على مطلق الأضواء ويتفطنون منها ان ظهور الأشياء وحياتها ومنبع نشأها ونماءها انما هي تلك السراية هذا نهاية ما يمكن التكلم والتفوه عنه واما الاطلاع على كنهها فأمر لا يسعه مقدرة البشر.
ثم قال سبحانه وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ اى والله ان شئنا وأردنا اذهاب القرآن المرشد لقاطبة الأنام لحككناه من المصاحف ومحوناه من الصدور والخواطر ايضا ثُمَّ بعد اذهابنا ومحونا لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا اى لا تجد ظهيرا معينا لك يطالبنا بمجيئه
إِلَّا رَحْمَةً ناشئة مِنْ رَبِّكَ يا أكمل الرسل نازلة إليك ان سألت منه سبحانه رده يرده إليك تلطفا وعطفا إِنَّ فَضْلَهُ سبحانه قد كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً كثيرا مثل اصطفائك من بين البرية وارسالك الى كافة الخليقة وتأييدك في عموم الأوقات ونصرك على جميع الأعادي وغير ذلك ثم لما قال بعض المعاندين من الكفار الطاعنين في القرآن القاد حين به وبشأنه لو نشاء لقلنا مثل هذا القرآن الذي أنت جئت به يا محمد
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 464